نظام التفاهة والعولمة- انهيار القيم واختراق الأسرة
المؤلف: عبده خال10.21.2025

لا يزال عالمنا المعاصر غارقًا في مستنقع ما يُعرف بنظام التفاهة، هذا النظام الذي يتغذى بشراهة على الاستهلاك المفرط، حيث يلتهم كل شيء دون أي اعتبار للقيم النبيلة والأخلاقيات الرفيعة. ففي مطلع التسعينيات، احتفت الدول بحفاوة مفرطة بقدوم العولمة بأبعادها الثلاثة المتمثلة في الاقتصاد والإعلان والثقافة، غير أن أصواتًا حكيمة تعالت محذرة من مغبة توحيد الأنماط السلوكية للبشر، مؤكدة أن العولمة ستتحول إلى أداة لنشر نسخة واحدة من الحياة، مما سيؤدي إلى طمس الخصوصيات الفريدة لكل مجتمع عبر مسيرته التاريخية الطويلة، بغض النظر عن المفاهيم التي يحملها أفراده عن تلك الخصوصية. ومع سطوة ثورة التواصل الاجتماعي، أصبحنا نلتجئ إلى النار هربًا من حرارة أخرى، في مفارقة مؤلمة.
وعلى الرغم من إيماني الراسخ بأهمية التواصل بين الأمم، إلا أنني أؤمن بوجود ضوابط أخلاقية سامية ترتقي بالإنسان وتحفظ له تميزه عن بقية الكائنات غير العاقلة.
ومما يثير القلق، أن العديد من السلوكيات التي تحفظ للإنسان إنسانيته يتم انتهاكها تحت ذرائع واهية، ولعل أبرز هذه الذرائع هي الادعاء بأن حرية الإنسان لا ينبغي أن تحد أو تقيد. ولكن في المقابل، يجب التأكيد على أن الحرية الحقيقية هي مسؤولية عظيمة تمنع الفرد من التعدي على حقوق الآخرين، وفقًا للمقولة الشائعة "تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين". ومع الأسف، تفاقمت التجاوزات وتضاءلت أخلاقيات السمو الإنساني، حتى أصبحت هشة لا تقوى على مقاومة أي ابتذال.
لقد شهدنا جميعًا الكثير من الفضائح التي تعج بها برامج التواصل الاجتماعي، وأنا هنا أتحدث تحديدًا عن كشف أسرار البيوت بشكل مشين، مما يسيء إلى كل قيمة نبيلة.
قد تكون حادثة فردية قد أدت إلى تنامي مفهوم "الاغتصاب الزوجي"، وبدأ البعض يروج له كحق يجب المطالبة به، والتصريح بهذا الأمر أو تداوله كحق، يعتبر انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات أي مجتمع يصنف بأنه محافظ. فالمجتمعات -في غالبيتها- تعتبر العلاقة الزوجية سرًا مقدسًا، لا يجوز إفشاؤه أو تعميمه. كما أن المشاكل الزوجية الحميمة وجدت لها الشريعة منافذ لحلها دون الحاجة إلى نشر الفضائح، فالمرأة تستطيع "خلع" من يرغمها على ما لا ترغب به، ومنح الزوج مخرجًا بالطلاق "تسريح بإحسان" لإنهاء العلاقة الزوجية. ولكن لأننا نستهلك ثقافات الآخرين دون تمحيص، تم استيراد مصطلح "الاغتصاب الزوجي" من خارج حدودنا الثقافية والدينية معًا. وبسبب الضجيج والصخب الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت مطالبات بإقرار تشريع يعاقب على جريمة "الاغتصاب الزوجي"، وهو مصطلح غريب عن ديننا وعن ثقافتنا العربية الأصيلة. ولو حدث أن تم إقرار قانون لتنظيم المعاشرة الزوجية في أي دولة عربية، فسوف يتوجب على طرفي العلاقة الزوجية كتابة عقد إضافي لوثيقة النكاح، يظهره الزوجان ويوقعان عليه مع كل معاشرة تحدث!
وبعيدًا عن هذا التصور الكاريكاتوري، فقد وجد الشرع حلولًا مبكرة لهذه المشكلات، حيث يحق للمرأة طلب الطلاق، وإذا رفض الزوج يتم خلعه، بينما يمتلك الرجل حلًا واسعًا بالطلاق. هذه هي الحلول التي خبرناها وعاش بها أسلافنا. أما أن تتحول أي قضية أسرية سرية إلى مادة للجدال والنقاش العام، فهذا يعد تعديًا سافرًا على قدسية الجوانب الحساسة في علاقة الزوجين. وإذا كان لا بد من المطالبة بقانون، فليكن هناك قانون لحماية الأسرة من التفكك، وأن لا تترك بذرة المجتمع (الأسرة) عرضة للإهمال أو الفساد.
وعلى الرغم من إيماني الراسخ بأهمية التواصل بين الأمم، إلا أنني أؤمن بوجود ضوابط أخلاقية سامية ترتقي بالإنسان وتحفظ له تميزه عن بقية الكائنات غير العاقلة.
ومما يثير القلق، أن العديد من السلوكيات التي تحفظ للإنسان إنسانيته يتم انتهاكها تحت ذرائع واهية، ولعل أبرز هذه الذرائع هي الادعاء بأن حرية الإنسان لا ينبغي أن تحد أو تقيد. ولكن في المقابل، يجب التأكيد على أن الحرية الحقيقية هي مسؤولية عظيمة تمنع الفرد من التعدي على حقوق الآخرين، وفقًا للمقولة الشائعة "تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين". ومع الأسف، تفاقمت التجاوزات وتضاءلت أخلاقيات السمو الإنساني، حتى أصبحت هشة لا تقوى على مقاومة أي ابتذال.
لقد شهدنا جميعًا الكثير من الفضائح التي تعج بها برامج التواصل الاجتماعي، وأنا هنا أتحدث تحديدًا عن كشف أسرار البيوت بشكل مشين، مما يسيء إلى كل قيمة نبيلة.
قد تكون حادثة فردية قد أدت إلى تنامي مفهوم "الاغتصاب الزوجي"، وبدأ البعض يروج له كحق يجب المطالبة به، والتصريح بهذا الأمر أو تداوله كحق، يعتبر انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات أي مجتمع يصنف بأنه محافظ. فالمجتمعات -في غالبيتها- تعتبر العلاقة الزوجية سرًا مقدسًا، لا يجوز إفشاؤه أو تعميمه. كما أن المشاكل الزوجية الحميمة وجدت لها الشريعة منافذ لحلها دون الحاجة إلى نشر الفضائح، فالمرأة تستطيع "خلع" من يرغمها على ما لا ترغب به، ومنح الزوج مخرجًا بالطلاق "تسريح بإحسان" لإنهاء العلاقة الزوجية. ولكن لأننا نستهلك ثقافات الآخرين دون تمحيص، تم استيراد مصطلح "الاغتصاب الزوجي" من خارج حدودنا الثقافية والدينية معًا. وبسبب الضجيج والصخب الذي تحدثه مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت مطالبات بإقرار تشريع يعاقب على جريمة "الاغتصاب الزوجي"، وهو مصطلح غريب عن ديننا وعن ثقافتنا العربية الأصيلة. ولو حدث أن تم إقرار قانون لتنظيم المعاشرة الزوجية في أي دولة عربية، فسوف يتوجب على طرفي العلاقة الزوجية كتابة عقد إضافي لوثيقة النكاح، يظهره الزوجان ويوقعان عليه مع كل معاشرة تحدث!
وبعيدًا عن هذا التصور الكاريكاتوري، فقد وجد الشرع حلولًا مبكرة لهذه المشكلات، حيث يحق للمرأة طلب الطلاق، وإذا رفض الزوج يتم خلعه، بينما يمتلك الرجل حلًا واسعًا بالطلاق. هذه هي الحلول التي خبرناها وعاش بها أسلافنا. أما أن تتحول أي قضية أسرية سرية إلى مادة للجدال والنقاش العام، فهذا يعد تعديًا سافرًا على قدسية الجوانب الحساسة في علاقة الزوجين. وإذا كان لا بد من المطالبة بقانون، فليكن هناك قانون لحماية الأسرة من التفكك، وأن لا تترك بذرة المجتمع (الأسرة) عرضة للإهمال أو الفساد.
